زئير أسد الله !
أطت السماء وحُق لها أن تئط ، وضجّت الملائكة بالتسبيح لله العليّ القدير ... وأخذت الشمس
بعد غياب دهر طويل ، تُضيئ وتُشرق رويداً رويداً ، وتُمزّق تلابيب الظلام الحالك ، وتكسر قيوده
وأصفاده الوثنية الصدئة التي كبّلت حرّية الكون وكتمت أنفاسه الربّانية حتى أوشك على الموت . .
وراح المُستضعفون في الأرض ، من العبيد والموالي يشعرون فجاءة بأنهم قد أصبحوا سادة كرماء ! ...
إنها تلك الدعوة وذلك الدين الجديد ، الذي صدح به يتيم
بني هاشم وأطلق عنانه في بطحاء مكة ، بعد أن نزل عليه
جبريل بالوحي الإلهيّ من فوق سبع سماوات .
خرج ذاك الرجل الضخم من بيته وهو يسبُّ ويشتمُ بأقذع
الألفاظ محمداً وأتباعه الصابئين ، ويمم شطر دار الندوة والشيطان يسير معه وينفثُ في منخريه الشرّ .....
ونبح رأس الكفر أُميّة بن خلف صائحاً :
ماذا دهاك أبا الحكم ؟ .. أين تُريد ؟ .
أجاب فرعون الأمّة بصلف وجهل :
أُريد هذا الصابئ الكذاب الذي يدّعي أنه رسول من عند الله .
تعني محمدا ؟ .. إنه هناك عند الكعبة ، إنطلق إليه .
كان الرجل العظيم والنبيّ الكريم ، يقف راكعاً لله بفناء البيت
العتيق ، حين أقبل أبوجهل يتخبّطه الشيطان من المسّ ، ونظر
الى غريمه راعي الغنم المختار ، بعين الغيظ والغضب ، وانتظر العتلّ
الزنيم حتى خرّ الصادق الأمين ساجداً على الأرض ، فتناول
أمعاء جزور مذبوح لأحد الأصنام ، ووضعها بكل خسّة وصفاقة
فوق ظهر ورأس أشرف وأجلّ إنسان في الوجود ! ...
وراح النذل الخسيس مع شيطانه الخبيث وأتباعه من كفار قريش
ينهقون ضاحكين مستهزئين ... بينما أسرعت الطفلة الزهراء
فاطمة ، وهي تتعثّر ، لتمسح عن رأس وظهر أبيها تلك الأوساخ وهي تبك
وتنتحب رحمة له صلى الله عليه وسلم .
هبّت الرياح دامعة حزينة ،ومالت الشمس نحو الأُفق كسيفة
البال ، ترنو إليه بألم ، وهي تزاورُ بأشعّتها المُستعرة عن
جسد رسول الله ، كي لا تُشارك كفار قريش والعصر في أذيّته .
وبينما الحال هكذا ، وإذ بفارس صنديد يُطلّ من قلب الأُفق على
جواد أبلق يعدو به خببا ، فيُرهب المُستهزئين ، ويُرعب جمعهم
الخاسئ ، وهو يدنو ويقترب شيئاً فشيئا ، وقد علم بما أصاب ابن أخيه الحبيب من أذىً ... فما هي حتى اقتحمهم ... فشقّ
الجمع المُتحالف وأخرس قهقهاته الغادرة .. وانقضّ على
أبي جهل فضربه بقوسه ضربة شديدة ، شجّت رأسه العفن
وأخزته ، ثم زأر الحمزة قائلاً :
ردّها عليّ إن إستطعت ! ... أنا على دين محمد .. أنا على
دين محمد ، أقول ما يقول وأفعل ما يفعل ... فاليردّ علي
ذلك من إستطاع ..... !
ولم يقدر أبا جهل مع حلفه الأطلسيّ ، وجمعه الدوليّ ورسامه
الدنماركيّ وسلطانه اليهودي أن يردّها على أسد الله ورسوله أو أن يُزحزح إيمان
مؤمن أو إسلام مسلم !! .