دروس تربوية من امرأة مقدسية
لا تنطق إلا بالقرآن 40 سنة مخافة أن تزل في كلامها فيسخط الله عليها
إذا كان هناك من مفهوم للعولمة ، فلابد أن يكون الإسلام سيد العالم ، ولن يتأتى ذلك إلا بعقول أبناء أمتنا التي يحاول الغرب السيطرة عليها ، ولن يستطيع مادام في الأمة أمثال
تلك المرأة المقدسية ، التي مكثت أربعين عاماً لا تنطق إلا بالقرآن ، فلسانها رطب بذكر الله ، وحديثها مرتبط بكتاب الله ، وسلوكها وفق منهج الله ، فهي تضفي على من حولها وقار الإيمان ، وسكينة الإسلام ، وروحانية الدين الحنيف ، وشفافية القلب الموصل بالله العلي الكبير ، وعلى الرغم من كبر سنها ، فإن هذا لم يجعلها تتنازل عن مبادئها ، أو تتخلى عن سلوكها ، أو تفقد صوابها ، أو تمتنع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
هذه المرأة التي تنطق بالقرآن ، ولا يعرف لسانها غيره من أرض الرباط ، من بيت المقدس ، من تلك الأرض المقدسة التي باركها الله تعالى ، والتي يكون فيها أهل الطائفة الظاهرة على الحق التي لا يضرها من خذلهم حتى يأتي أمر الله ، وهم على ذلك ،
فما حكاية تلك المرأة ؟.
تبدأ الحكاية حين خرج عبد الله بن المبارك - يرحمة الله تعالى – وهو من العلماء المجاهدين العابدين قاصداً بيت الله الحرام ، وزيارة مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ،
ونتركه – يرحمه الله تعالى – يحكي بلسانه الحكاية ، ثم نعلق عليها في النهاية .
يقول ابن المبارك : بينما أنا سائر في الطريق ، إذا بسواد ، فمررت به ، وإذا هي عجوز عليها درع من صوف ، وخمار من صوف ، فقلت :-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فقالت : (( سلام قولاً من رب رحيم )) .
فقلت لها : يرحمك الله تعالى ، ما تصنعين في هذا المكان ؟
فقالت : (( ومن يضلل الله فلا هادي له )).
فقلت: إنها ضالة عن الطريق ، فقلت : أين تريدين ؟
فقالت : (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )) .
فعلمت أنها قضت حجها ، وتريد بيت المقدس ، فقلت : أنت مذ كم في هذا المكان ؟
فقالت : (( ثلاث ليال سويا )) .
فقلت : ما أرى معك طعاماً ؟!
فقالت : (( ثم أتموا الصيام إلى الليل )).
فقلت لها : ليس هذا شهر رمضان ؟!
فقالت : (( ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم )).
فقلت لها : قد أبيح لنا الإفطار في السفر ؟!
فقالت : (( وأن تصوموا خيرا لكم )).
فقلت لها : لم لا تكلميني مثلما أكلمك به ؟
فقالت : (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
فقلت لها : من أي الناس أنت .
فقالت : (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )).
فقلت لها : قد أخطأت ، فجعلينى في حل .
فقالت : (( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم )).
قلت لها :
هل لك أن أحملك على ناقتي وتلحقي القافلة ؟!
قالت : (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )).
فأنخت مطيتي لها .
فقالت : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )).
فغضضت بصري عنها ، فقلت اركبي . فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة بها ، ومزقت ثيابها .
فقالت : (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم )).
فقلت لها : اصبري حتى أعقلها .
فقالت : (( ففهمناها سليمان )) .
فشددت لها الناقة ، وقلت لها : اركبي .
فلما ركبت قالت : (( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )).