السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
مواقف من حياة المحبين :
قال عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه : ( جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجلست إليه في المسجد , فطلع علينا مصعب بن عمير في بردة مرقوعة بفروة غنم , فقال عليه الصلاة والسلام : انظروا إلى هذا الذي نوّرالله قلبه لقد رأيته بين أبويين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب , ولقد رأيت علية حُلّة اشتراها بمائتي درهم ... فدعاه حبّ الله ورسوله إلى ما ترون ) . حلية الأولياء : 1/ 108 .
لقد أحبّ مصعب بن عمير الله ورسوله حباً جعله يترك حياة الرخاء والنعيم في ظلّ والديه المشركين , ويرضى بحياة الخشونه وشظف العيش في رحاب الإسلام مؤثراً الدار الآخرة على الدار الفانية .
************************
يروي أن امرأة تسمى أم خلاد لّما سمعت إشاعة مقتل الرسول عليه الصلاة والسلام في معركة أحد , ارتجّت المدينة , فانطلقت مسرعة إلى مكان المعركة , فقال لها من قابلها : لقد قتل زوجك , فلم تبالِ , وقابلها آخر , فقال لها : لقد قتل ابنك فلم تبالِ , فقابلها ثالث , فقال لها : لقد قتل أبوك وأخوك , فقالت : دعوني من هؤلاء , ولكن أخبروني ما شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : إنه هناك , فلم تستقر ولم يهدأ لها بال حتى وصلت إليه وقالت : يا رسول الله , كل مصيبة بعدك جلل , ما دمت حيّاً , فلا أبالي بمن فقدت .
إنّ حبّ أم خلاد الغامر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصها الشديد على نجاته جعلها لا تكترث بمن قُتل سواه , حتى لو كان أقرب الناس إليها , فكل مصيبة بعد رسول الله هيّنة في نظرها , وهذا من أسمى آيات الحب الصادق .
بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ذاهباً إلى السوق ذات يوم سمع عبداً يبيعه سيّده , والعبد ينادي بأعلى صوته قائلاً : من أراد شرائي فلا يمنعني من الصلاة خلف رسول الله , فاشتراه رجل , ووفّى بالعهد , فما كانت صلاة تٌقام إلا والغلام يصلّي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم , وذات يوم تفقد أصحابه فلم يجد الغلام , ولما سأل عنه قالوا : إنه مريض , فذهب إليه يعوده , ولقد كان من حسن خاتمة هذا الغلام الذي أحبّ رسول الله , ولم يٌطق فراقه أنه مات بين يدي رسول الله , فلقّنه الشهادة , وغسّله وكفّنه وصلّى عليه .
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
روي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديد الحب له قليل الصبر عنه , فأتاه ذات يوم وقد تغّير لونه ونحل جسمه يعرف في وجهه الحزن فقال له : يا ثوبان ما الذي غيّر لونك ؟ قال : يا رسول الله مابي ضرّ ولا وجع غير أني إن لم أرك اشتقت إليك , واستوحشت وحشة شديدة , ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين , وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك , وإن لم أدخل الجنة فذلك حين لا أراك أبداً فنرل قول الله تعالى : (( ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً )) . سورة النساء : الآية 69 – القرطبي : 5 / 271 .
####################################
كان طلحة بن البراء غلاماً صغيراً , وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يُقبل عليه يتمسح به , ويُقبل قدميه وهو يقول : إني أحبك , فمرني بما شئت فلا أعصي لك أمراً , فقال له مختبراً : اذهب إلى أبيك فأقتله , فنهض الغلام مسرعاً لقتل أبيه , فناداه وقال له : أنا لم أُبعث بقطيعة الرحم , ما أمرتك إلا لاختبارك في حبّك وطاعتك ... بعد فترة مرض هذا الغلام ومات , فوقف الرسول عليه الصلاة والسلام على قبره وقال : ( اللهم إنك لقيت عبدك فلاناً , فاضحك إليه واجعله يضحك إيك ) , أي يا رب قابله بالرضا واجعله مسروراً برضاك عنه .
%%%%%%%%%%%%%%%%%
(( لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال عبد الله بن زيد الأنصاري من شدة حزنه وألمه على فراقه : اللهم أعمني فلا أرى شيئاً بعد حبيبي حتى ألقى حبيبي , فعُمى من وقته في مكانه ))القرطبي : 5 / 271 , فما دام قد حُرم من رؤية حبيبيه محمد صلى الله عليه وسلم لوفاته , فليس مهماً لديه ألا يرى أحداً بعده حتى يلقاه في الآخرة .
*****************************