الروح احد العقائد الغيبية في القرآن،والعقائد الغيبية أساس عميق من أسس التدين، تقوم عليها كل ديانة يطمئن إليها ضميرالإنسان، وهذه العقيدة نلمس فيها فضيلة أنها لا تعطل عقول المؤمنين بها، ولا تبطلالتكليف بخطاب العقل المسئول.
والروح هي الأقرب إلى الحياة الباقية وأخفاهاعن المدارك الحسِّية، وانه الجانب الذي استأثر الله بعلمه واحتجب عن أنبيائه، لأنهسر الوجود المطلق لا قدرة للعقل الإنساني على الإحاطة به ووعيه إلا بما يناسبه منالإشارة والتقريب.
والإنسان يعلوا على نفسه بعقله، ويعلوا على عقله بروحه،فيتصل من جانب النفس بقوى الغرائز ودوافع الحياة الجسدية، ويتصل من جانب الروحبعالم البقاء وسر الوجود الدائم وعلمه عند الله.
فما هي الروح؟
الروح طاقةمجهولة ..... مبهمة، غامضة، محجوبة عن الإدراك.
ولكن نتائجها ليست مجهولة، ولامحجوبة عن الإدراك.
ويذهب الغزالي إلى القول عن الروح فيقول:" بأنهاالبخار اللطيف الذي يصعد من منبع القلب، ويتصاعد إلى الدماغ بواسطة العروق. وإلىجميع البدن فيعمل في كل موضع كسب مزاجه، واستعداده عملاً، وهو مركب الحياة، فهذاالبخار كالسراج، والحياة التي قامت به كالضوء، وكيفية تأثيره في البدن ككيفية تنويرالسراج أجزاء البيت".
وقال الباقلاني: أن الروح عرض من الأعراض، وهوالحياة فقط وهو غير النفس.
وقال قائلون: الروح اعتدال الطبائع الأربع (الحرارة، البرودة، الرطوبة، اليبوسة)
وقال قائلون: الروح الدم الصافيالخالص من الكدر والصفوفات.
وكان الجبائي يذهب إلى أن الروح جسم، وأنها غيرالحياة وزعم أن الروح لا تجوز عليها الأعراض كالموت.
والروح عند ابن القيمجسم مخالف بالأهمية للجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف متحرك ينفذ في جوهرالأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد وسريان الدهن في الزيتون والنار فيالفحم، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الاخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبولتلك الآثار فارق الروح البدن وأنفصل إلى عالم الأرواح، ودليله على ذلك:
{ اللهيتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسلالأخرى إلى اجل مسمى}. ولكنهه لم يبين وجه الدلالة من هذه الآية .
نكتفيبهذا القدر من أقوال العلماء في الروح لنخرج قليلاً على معنى الروح فياللغة:
جاء في كتب اللغة عن كلمة "روح" ما يأتي:
· الرَّوْح- بالفتح- الراحة والرحمة ونسيم الريح.
· الرَّوَح- بالتحريك- السعة، فنقولرجل أروح أي له سعة في الرجلين دون الفجج (التكبر).
· مكان روحاني- بفتحالراء- طيب، والروحاني - بالضم- ما فيه روح.
وأما الروح فيالقرآن:
ورد لفظ الروح، في القرآن إحدى وعشرين مرة يجمعها عدةمعانٍ:
· فالروح جبريل عليه السلام في قوله تعالى:
{-تنزل الملائكةوالروح فيها بإذن ربهم من كل أمر…} (القدر:4)
{-رسلنا إليها روحنا فتمثل لهابشراً سوياً} (سورة مريم:17)
{ -نزل به الروح الأمين على قلبك..} (الشعراء: 193)
· وجاء بمعنى القرآن كما في قوله تعالى:
{ -وكذلك أوحينا إليكروحاً من امرنا ما كنت تدري كالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاءمن عبادنا}.... (سورة الشورى: 52)
· وجاء بمعنى الروح مثل قولهسبحانه:
{ - يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق}... (سورة غافر: 15)
· وجاء بمعنى عناية الله وكفالته لعبادة المخلصين مثلقوله جلً شأنه:
{ -أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}... (سورةالمجادلة: 58)
· وجاء بمعنى المسيح عيسى بن مريم لقوله تعالى:
{ -إنما المسيح عيسى أبن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه }... (سورةالنساء: 171)
· وجاءت بمعنى المرحلة الأخيرة من مراحل خلق آدم مثل قولهتعالى:
{ فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين…}(سورة الحجر: 29)
وأما الروح في الفلسفة:
يرى بعض الفلاسفة أن العقل أشرفالموجودات لان جوهر العقل المطلق هو الله يليه الروح وهو اقرب إلى عنصر النور ثمالنفس وهي أقرب إلى عنصر الهواء والتراب.
ويرى السهيليي أن الروح التيينفخها الملك في الجنين هي النفس بشرط اتصالها بالبدن واكتسابها بسببه صفات مدح أوذم فهي أما نفس أمارة بالسوء أو نفس مطمئنة.
وفي رسالة "حيي بن يقظان" لابن طفيل نجد تعبير الروح الإنساني هو أمر رباني الهي لا يستحيل ولا يلحقه الفسادولا يوصف بشيء مما توصف به الأجسام ولا يدرك بشيء من الحواس ولا يتخيل ولا يتوصلإلى معرفته بآلة سواه بل يتوصل إليه به.
ويقول الزمخشري في تفسير معنىالروح في الآية في صورة ص: { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } فإذاأتممت خلقه وعدًلته وأحييته وجعتله حساساً متنفساً فخروا له، يقول أنت يا ادم أبوالبشر، خلقك الله بيده، واسجد لك الملائكة، وأسكنك جنته، فإنما يذكر ذلك في سياقتقدير كراماته وخصائصه لا فيما يحط منه.
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الخلق سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم الى يوم الدين اخوكم عمر العميان ابنة كرم عمر العميان