منتديات الروح الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الروح الإسلامية

منتديات الروح الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» && الفرج بعد الشدة &&
فتح مكة دروس و عضات Emptyالخميس يناير 14, 2010 8:36 am من طرف Admin

» هذه الاشياء عذاب في القبر فحذروها
فتح مكة دروس و عضات Emptyالخميس يناير 14, 2010 8:28 am من طرف Admin

» أبواب خير غفل عنها الناس.....
فتح مكة دروس و عضات Emptyالخميس يناير 14, 2010 6:52 am من طرف Admin

» اقرأ و لن تندم ان شاء الله
فتح مكة دروس و عضات Emptyالسبت يناير 09, 2010 11:25 am من طرف Admin

» أكبر موسوعة أدعية وأذكار ( تحتوي على جميع الادعية والاذكار ) [ أرجوا تثبيت الموضوع ]
فتح مكة دروس و عضات Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 11:24 pm من طرف Admin

» احفظ القرآن بعشرة دقائق لا يوجد مستحيل!!
فتح مكة دروس و عضات Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 9:52 pm من طرف Admin

» علامات الساعة وخروج المسيح الدجال
فتح مكة دروس و عضات Emptyالجمعة يناير 01, 2010 1:39 pm من طرف Admin

» اسئلة ؟؟؟؟؟؟؟؟
فتح مكة دروس و عضات Emptyالجمعة يناير 01, 2010 12:41 pm من طرف Admin

» أسباب مواقيت الصلاة‏
فتح مكة دروس و عضات Emptyالجمعة يناير 01, 2010 12:33 pm من طرف Admin

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى

 

 فتح مكة دروس و عضات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 281
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

فتح مكة دروس و عضات Empty
مُساهمةموضوع: فتح مكة دروس و عضات   فتح مكة دروس و عضات Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 6:22 am

الذي فتح مكة هو الذي فتح القلوب والأسماع والأبصار ب (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، هو رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، سيعود الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى مكة ، ولكنه لن يعود كما خرج، لقد خرج مهاجراً شريدًا وحيدًا مسكينًا، وسوف يعود اليوم حاكماً قائداً منتصراً، ومعه جيش عرمرم، بعدما أسس دولة ما سمع الناس بمثلها، وهو الذي خرج قبل عشر سنوات من بلده، وهو يبكى عند حمراء الأسد ويلتفت إلى مكة ، ودموعه تسيل على خديه، ويقول: (يا مكة! والله إنك من أحب بلاد الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)، اليوم يعود عليه الصلاة والسلام إليها، لكنه يعود فاتحاً منتصراً بعد أن أيده الله بنصره، ورفع لا إله إلا الله.
كان فتح مكة في شهر رمضان المعظم، حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: [إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان] (1) .
عقد صلى الله عليه وسلم صلحًا بينه وبين المشركين -كما مرَّ في الحديبية -، وكتب كتابًا على أن لا يعتدي أحد على الآخر، ولا يُسفك دمٌ مدة عشر سنوات، وأوفي بالعقد، وهذا واجب المسلم، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أوفي الناس، وفي بهذا؛ ومن وفي وفي الله له، ومن تقيّد بما شارط عليه، أنصفه الله عز وجل، فهو صلى الله عليه وسلم من أوفي الناس في السلم والحرب، وقد أخذ على نفسه ألا يعتدي على أحد حتى ولو كان مشركًا، أو كتابياً: يهوديًّا أو نصرانيًّا، ما لم يخونوا، فالمؤمنون على شروطهم، ولا عدوان إلا على الظالمين، فمن ظلم فقد استحق العقوبة، وبهذا عليك أن تتقي اللًه فيما تقول وتفعل، فإن وعدت فلا تخلف، وإن شارطت فلا تخن، وإن جاورت فلا تُسيء، وهذا شأن المسلم، فلما طويت الصحيفة بقي صلى الله عليه وسلم على العهد، لكنَّ كفار قريش خانوا العهد؛ ليجعل الله له عليهم سببًا، ويفتح مكة وينتصر صلى الله عليه وسلم بإذن الله، ويرتفع الأذان بصوت بلال بن رباح رضي الله عنه.
علم صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة بأن قريشًا نقضت الصحيفة والعهد، فقد قامت قبيلة بني بكر من حلفاء قريش واعتدوا على خزاعة وهم حلف الرسول عليه الصلاة والسلام، فذبحوهم وهم ركع وسجود في صلاة الليل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة يصلي بأصحابه صلاة العصر، فلما انتهى من الصلاة التفت إلى أصحابه ثم اتكأ، وكان صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما حدث ببني خزاعة، وأن قريشَاً أخلفت الصلح، وأنه قتل أصحابه في ليلة غادرة ماكرة، ثم بعد التسليم من الصلاة وإذا برجل من قبيلة خزاعة، من الذين نجوا من القتل اسمه عمرو بن سالم (1) ، دخل المسجد بعدما عقل جمله في طرف المسجد، ورفع صوته مستجيراً بالرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:
يا رب إني ناشد محمداً حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فانصر هداك الله نصراً أعتدا وادع عباد الله يأتوا مددا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشاً أخلفوك الموعدا

وقتلونا ركعاً وسجدا
(1) .
وكان مما قال: (أنا عمرو بن سالم من خزاعة قتلونا بماء الوثير، ونحن نصلي الليل ركعًا وسجدًا ذبحونا، انصرنا يا رسول الله نصرك الله، فتلألأ وجهه صلى الله عليه وسلم ثم قال: نُصرت يا عمرو بن سالم) (1) ، وهو بهذا صلى الله عليه وسلم يعلن الحرب على قريش، ما دام أنهم مزقوا الصحيفة، ونقضوا العهد، وبينما الرسول صلى الله عليه وسلم يتحدث وإذا بسحابة مرت من السماء، ثم التفت إليها صلى الله عليه وسلم وقال: (والذي نفسي بيده إن هذه السحابة فيها النصر على قريش) (1) .
حانت عودة الغائب اليتيم صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، ليؤسس فيها دولة الإسلام، وتكون عاصمة الدنيا، قال للناس: (تهيئوا ولم يخبر أحدًا، ثم قال: اللهم خذ على أعين قريش أخباري، وخذ على أسماعهم فلا يدرون بي) (1) ، أي: اللهم أعمِ عنهم خبري، وأعْمِ عليهم الغزوة والحرب، وفي هذا من الحكمة أن الإنسان يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، فمن أراد شيئًا أو أمرًا مهمُّا فلا يخبر به (1) .
وكان صلى الله عليه وسلم يخبر بالغزوات إلا مثل هذه الغزوة؛ لأنه كان يريد أن يفاجئهم ويباغتهم، تقولي عائشة : [دخل علي، فأمرني أن أهيئ له وأجهز]، ولم تسأله رضي الله عنها ولم يخبرها، وفيه أن المرأة لا تتدخل في شؤون زوجها، إذا رأته مصراً على سر، أو استكثر على أمر من الأمور، فلتتق الله، ولا تبحث ولا تسأل، فانظر إلى عقل عائشة وعلمها وجلالة فهمها سكتت رضي الله عنها فهو صلى الله عليه وسلم يريد أن يباغت قريشاً حتى لا يستعدوا؛ لأنه لو أخبر بأنه سيغزو قريشًا، لهيأت قريش الكتائب والسلاح، واستعدوا بالمباغتة له عليه الصلاة والسلام. ثم استعد عليه الصلاة والسلام، وأمر الصحابة أن يتهيئوا، فتجهز عشرة آلاف مقاتل، عشرة آلاف يقومون الليل ويصومون النهار، صادقون مؤمنون مجاهدون، يقدم أحدهم صدره أمام الرسول صلى الله عليه وسلم دفاعًا عنه، يقول حسان :
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم فداءُ

قال ابن القيم رحمه الله: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وأمر أهله أن يجهزوه، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها، وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: [أي بنية أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجهيزه؟
قالت: نعم. فتجهز. قال: فأين ترينه يريد؟
قالت: والله ما أدري]. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة ، فأمرهم بالجد والتجهيز، وقال: (اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها. فتجهز الناس) (1) .
وسمع حاطب بن أبي بلتعة ؛ بأن محمداً صلى الله عليه وسلم يريد أن يغزو كفار قريش، وحاطب من أهل بدر ، فقد شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم بدرًا ، وكان عنده أسرة وأطفال وبنات في مكة ، فأراد أن يتخذ يداً بيضاء عند كفار قريش، حتى يمنعوا نساءه وأطفاله، فكتب لهم: بأن محمدًا -ولم يقل صلى الله عليه وسلم وكأنه معهم- يريد أن يغزوكم فانتبهوا، ثم قال لامرأة عنده: خذي هذا الكتاب، واذهبي به ليلاً، ولكن أين تذهب من السميع البصير؟
أين تذهب من الواحد الأحد؟
((مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ)) لعلمه واطلاعه وحضوره، فأخذت الكتاب وجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها وذهبت به، وأتى الخبر من السماء، ونزل جبريل في الحال، يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن حاطب بن أبي بلتعة كتب رسالة مع امرأة وهي الآن في روضة خاخ ، وهذه ميزة محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله يطلعه على علم الغيب، أو بعض من علم الغيب، وهي من معجزاته صلى الله عليه وسلم، حتى تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: سبحان من وسع سمعه كل شيء، والله إن خولة بنت ثعلبة تناجي الرسول عليه الصلاة والسلام في طرف البيت وما أسمعها ولا أدري ما تقول، فأنزل الله: ((قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا))،وجلس صفوان و عمير تحت ميزاب الكعبة وتحدثا عن قتل الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما أتى عمير للرسول صلى الله عليه وسلم يريد قتله، قال: (كذبت بل جلست أنت وصفوان تحت ميزاب الكعبة، في ليلة قمراء، فقلت له كذا وكذا، وقال لك كذا وكذا، قال: من أخبرك؟
قال: أخبرني اللطيف الخبير، العليم الخبير، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله) (1) .
فلما ذهبت المرأة بالرسالة ونزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر، قال صلى الله عليه وسلم: (أين علي و الزبير ؟
وهما رجلا المهمات، يقول ابن القيم : وكان الذي يضرب الأعناق بين يديه صلى الله عليه وسلم علي و الزبير، ففيهما من القوة والبطش والمبارزة والهمة ما الله به عليم، قال صلى الله عليه وسلم: يا علي! يا زبير! الحقا بروضة خاخ فإن فيها امرأة حاطب فخذا الكتاب) (1) ،
فانطلقا يتعاديان -أي: يتسابقان- حتى وصلا الروضة، وإذا بالمرأة بين الشجر، ذاهبة في طريقها إلى مكة ، فأوقفاها وقالا لها: [سلمي الكتاب، قالت: ليس معي الكتاب، قال علي بن أبي طالب : والله الذي لا إله إلا هو ما كذب صلى الله عليه وسلم، ولا كذبنا، فلما أنكرت وجود الكتاب معها، قالا لها: سلمي الكتاب أو لنجردنك. قالت: انتظراني]، فدخلت بين الشجر وأخرجت الكتاب، فأخذاه ورجعا يخطفان الأرض حتى وصلا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فدفعاه إليه.
فجمع صلى الله عليه وسلم الناس، وقرأ الكتاب، وكان حاطب أمامه، قال: (ما حملك يا حاطب على ما فعلت؟
قال: يا رسول الله أنا لست من قريش وعندي بنات ومال فأردت أن اتخذ يداً عندهم، والله ما كفرت بعد، إسلامي، ولا كرهت شيئاً من ديني، وقد حضرت بدرًا، فطوى صلى الله عليه وسلم الكتاب، قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! لقد خان الله ورسوله، هذا رجل منافق دعني أضرب عنقه، فقال صلى الله عليه وسلم: يا عمر! وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (1) ، قال عمر: الله ورسوله أعلم)، ثم فاضت عيون عمر بالدموع، وبكى لهذا المشهد العظيم (1) ، فهنيئًا لأهل بدر هذا التاج وهذا القبول، حضروا في جوع ومشقة وضنك، وحرب ومأساة ولوعة، ثم استحقوا كلمة الحق الحي القيوم، (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، فدمعت عينا عمر بن الخطاب ، وتذكر كيف أن المحاسن تغطي على المساوئ:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع



الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وخرج صلى الله عليه وسلم لعشر خلون من رمضان في عشرة آلاف مقاتل من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب، وقد ألّفت مزينة وكذا بنو سليم على المشهور رضي الله عنهم جميعهم واستخلف صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين، ولقيه عمه العباس إِلى ذي الحليفة ، وقيل: إلى الجحفة ، فأسلم ورجع معه صلى الله عليه وسلم وبعث ثقله إلى المدينة ، ولما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى نيق العقاب ، جاءه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية أخو أم سلمة مسلمين، فطردهما فشفعت فيهما أم سلمة ، وأبلغته عنهما ما رققه عليهما، فقبلهما فأسلما رضي الله عنهما بعدما كانا أشد الناس عليه صلى الله عليه وسلم (1) .
وأُعلن النفير وجعل صلى الله عليه وسلم على الكتائب عشر كتائب، وكل كتيبة فيها ألف مقاتل، مزينة كتيبة، وأشجع كتيبة، وأسد كتيبة، والمهاجرون كتيبة، والأنصار كتيبة، ودخل صلى الله عليه وسلم في كتيبة الأنصار، وتوجهوا على بركة الله.
وسمع أبو سفيان بن الحارث ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قادم إلى مكة ، فخرج بأطفاله إلى الصحراء فلقي علي بن أبي طالب ، فقال له: [إلى أين تخرج؟
قال: أخرج بأطفالي إلى الصحراء لأموت جوعًا وعريًا، والله إن أدركني محمد ليقتلني ويقطعني إربًا إربًا، قال علي: أخطأت يا أبا سفيان! فالرسول صلى الله عليه وسلم أحلم الناس، وأبر الناس، وأكرم الناس، فتعال إليه، وقال له: اذهب للرسول صلى الله عليه وسلِّم عليه بالنبوة وقل: السلام عليك يا رسول الله! ثم قل: ((تَالله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ))؛] فأتى أبو سفيان بأطفاله والرسول صلى الله عليه وسلم جالس، وقال: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال: ((تَالله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ)) وهذه الآية نزلت في إخوة يوسف عليه السلام، فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه وقال: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))، ثم قال أبو سفيان قصيدة يعتذر فيها:
لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيلُ اللات خيلَ محمدِ

لَكَالْمُدلج الحيران أظلم ليله فهذا أوأني حين أهدى فأهتدي

هدانيَ هادٍ غير نفسي ونالني مع الله من طردت كل مطردِ
)
قال ابن هشام رحمه الله: ويروى: ودلني على الحق من طردت كل مطرد.
قال ابن إسحاق : فزعموا أنه حين أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (ونالني مع الله من طردت كلّ مطرد. ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: أنت طردتني كلّ مطرد) (1) .
يقول أحمد محرم في مقطوعة جميلة عن محمد صلى الله عليه وسلم:
يا طريداً ملأ الدنيا اسمه وغدا لحنًا على كل الشفاهْ

وغدت سيرته أنشودةً يتلقاها رواة عن رواهْ

هل درت من طاردته أمة هبلُ معبودها شاهت وشاهْ

طاردت في البيد من بوأها منزلاً لا يبلغ النجم مداهْ

فعفا عنه عليه الصلاة والسلام، ثم قال: (يا رسول الله! والله لا أترك نفقة أنفقتها في حربك إلا أنفقت ضعفيها في الإسلام، ولا غزوة إلا جهزتها بمالي ودمي في سبيل الله)، فكان مع الرسول صلى الله عليه وسلم يقود بغلته، ويخدمه ويذب عنه، ويقاتل بين يديه، وقاتل في حنين رضي الله عنه وأرضاه يوم فر الناس ولم يبق منهم إلا نفر قليل.
واقترب صلى الله عليه وسلم بجيش قوامه عشرة آلاف وطوَّق مكة ؛ ورَأى أن يدخلها من أربع جهات، ويعين في كل جهة قائداً، فخالد بن الوليد من جهة، والزبير من جهة، وسعد من جهة، وسعد بن عبادة من جهة، وقبل المعركة كان لحسان بن ثابت قصيدة يتوعد فيها المشركين ويمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول:
عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء

تظل جيادنا متمطرات يلطمهن بالخمر النساء

فإما تُعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعز الله فيه من يشاءُ

وقال الله قد أرسلت جندًا هم الأنصار عرضتها اللقاء

لنا في كل يوم من معدٍ سباب أو قتال أو هجاء

جمعت قريش فرسانها وأتباعها لحرب المسلمين، وكان في مقدمة هؤلاء صفوان بن أمية و عكرمة بن أبي جهل و سهيل بن عمرو ، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها من جهة (كداء )، مهيباً خاشعاً، يقرأ سورة الفتح وهو على راحلته، ودخل خالد بن الوليد من أسفلها والتحم في (الخندمة ) مع بعض المشركين الذين أصروا على القتال، وأتى أحدهم ومعه السيف، يقول لامرأته: قريبًا سآخذ بعضًا من أصحاب محمد وأجعلهم خدمًا عندك!! ثم يقول:
هذا غرار كامل ذو ألَّهْ وسيف مبتور سريع السلة

وشاجع مفحم وما بي علة

ولكن ماذا يفعل سيفه إذا كان الواحد الأحد مع المسلمين يؤيدهم بنصره: ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)) ولم يرد خالد بن الوليد أن يقاتل المشركين في السكك وطرقات مكة، وقال: لو قاتلناهم في السكك رجمونا بالحجارة، وباغتونا بكمائن وأرصدة، ولكن نخرجهم، فأظهر لهم خالد الهزيمة بعدما اقترب، فلحقوا به، ولما أصبحوا خارج مكة ، رجع عليهم خالد وهزمهم، وهرب الرجل ورمى بسيفه ودخل على زوجته، وأغلق الباب، فقالت زوجته: قاتلك الله ما أغنى عنك سيفك، ولا شجاعتك، أين كلامك؟
قال لها:
إنك لو شهدت يوم الخندمهْ إذ فرَّ صفوان وفرَّ عكرمهْ

وأبو يزيد قائم كالموتمهْ واستقبلتهم بالسيوف المسلمهْ

يقطعن كلّ ساعد وجمجمهْ ضرباً فلا يسمع إلاّ غمغمهْ

لهم نهيت خلفنا وهمهمهْ لم تنطقي باللوم أدنى كلمهْ
(1)
نعم، لقد قابل رجالاً توكلوا على الله الواحد الأحد، وتيقنوا من نصره، فأقبلوا على الموت، تحرسهم الملائكة وتقاتل معهم، باعوا أنفسهم وأرواحهم للّه: ((إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ))
ومن الذي باع الحياة رخيصة رأى رضاك أعز شيء فاشترى

قال أهل العلم والسير: لاح للرسول صلى الله عليه وسلم الحرم، فلما لاح له نكس رأسه ودمعت عيناه، فهو سيد المتواضعين، فما أعظم تلك اللحظة، وما أجلها في تاريخ الإنسان! وجاء النصر الذي رجت له الأرض رجًّا، وفتحت له السماء، وطرح مطرفه على مناكب الجوزاء، وسمع به الناس، ومع ذلك لم يدخل صلى الله عليه وسلم سفَّاكاً، ولا بطَّاشًا، ولا سفَّاحًا ولا منتقمًا، رأى الكعبة وأنزل رأسه ولحيته حتى لامست لحيته قربوس ناقته أو فرسه؛ تواضعًا للواحد الأحد، ودمعت عيناه. في لحظة الانتصار تسيل دموعه صلى الله عليه وسلم!! وهو يشاهد مكة التي طُرد منها، والكعبة التي تمنى أن يطوف بها ويصلي فيها، وكان محرومًا من دخولها عشر سنوات، ومع ذلك ينصره الله وتتهاوى أمامه الأصنام، واقترب صلى الله عليه وسلم ليدخل (1) ثم كبر وهلل وكبر المسلمون، ووقف أبو سفيان بن حرب الذي قاد الكتائب بجانب العباس بعدما أسلم قيل قبل الفتح بليلة أو ليلتين، فقال صلى الله عليه وسلم للعباس : (احبس أبا سفيان عند حطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين) (1) ، وحتى يخلع الله قلبه ويذوق الويل والذل ويرى كيف أن الله ينصر أولياءه، فمرت كتيبة مدججة بألف مقاتل لا يُرى منها إلا العيون وعليهم الخوذات والسلاح والدرق والرماح ومعهم السيوف وكلهم يكبرون، فقال: [من هؤلاء؟
قال: هذه مزينة قال: وما لنا ومزينة، ثم بعدها بقليل وإذا بكتيبة ثانية قال: من؟
قال: أسد، قال: وما لنا وأسد؟
ثم بعدها وإذا بكتيبة أشجع، ثم مرت كتيبة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في ألف مقاتل، وإذا هي كتيبة الخضراء، قال: من هذا؟
قال: هذا محمد، قال: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً، قال: هذا من نبوَّته ليس ملكًا]، ثم دخل صلى الله عليه وسلم البيت، وإذا بثلاثمائة وستين صنمًا حول الكعبة، وإذا صور كبار وصغار من حجارة وخشب وأوثان وأشكال كلها تفاهة وخرافة وكذب، ولعنات تُعبد من دون الله، لا تملك نفعًا ولا ضرًّا، ولا تسمع ولا ترى، إِنما الحكم والألوهية والعبودية لله الواحد الأحد، الآن يبطل الزور والكذب الآن تكسر الأصنام، وأمر صلى الله عليه وسلم بتطهير البيت الحرام منها، وشارك في تكسيرها وهو يقرأ: ((جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) (1)
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (أين مفاتيح الكعبة؟
قالوا: عند عثمان بن طلحة)، فبنو شيبة بن عبد الدار عندهم مفاتيح الكعبة؛ لأن قريشًا وزعت الاختصاصات، فأناس لسدانة البيت، وأناس لسقاية الحجيج، وأناس لحمل الراية في المعركة، وأناس للمفاتيح وهم بنو عبد الدار، فأخذ صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، وأمر بها ففتحت، فدخلها، فرأى في داخلها صوراً لإبراهيم و إسماعيل و إسحاق وهو يستقسمون بالأزلام، فقال: (قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام) (1) ، ورأى حمامة من عيدان فكسرها ورمى بها خارج الكعبة، وأمر بالصور فمحيت. وعندما طهرت الكعبة دخلها صلى الله عليه وسلم، وصلّى فيها ركعتين. ثم خرج وأعطى عثمان بن طلحة المفتاح (1) ، وكانت قريش قد ملأت المسجد تنتظر ماذا يصنع بها النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف فيهم صلى الله عليه وسلم وكان ممّا قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدميَّ هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد -السوط والعصا- ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب.
ثم تلا: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ))، ثم قال: يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم؟
قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقولُ لكم كما قال يوسف لأخوته: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ))، اذهبوا فأنتم الطلقاء).
وارتفع الأذان في جنبات البيت الحرام بصوتِ بلال بن رباح رضي الله عنه، ودوَّت في أرجاء مكة : (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وانتصر الحق وزهق الباطل، وأذعن أهل مكة لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم واجتمعوا للبيعة، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا وقدم الناس -رجالاً ونساءً- يبايعونه على السمع والطاعة.


دروس من فتح مكة
1- النصر مع الصبر، ومهما تأخَّر النصر فإن الله وعد أولياءه به إذا هم بذلوا أسبابه من العدة والعتاد، وتجرَّدوا له وتضرَّعوا إليه.
2- عدم إخباره صلى الله عليه وسلم للصحابة بحرب قريش ودخول مكة حكمة منه صلى الله عليه وسلم فالإنسان يستعينُ على قضاء حوائجه بالكتمان.
3- قتل الجاسوس راجع إلى رأي الإمام، فإن رأى في قتله مصلحة للمسلمين قتله، وإن رأى المصلحة في غير ذلك، أو وجدت علة مانعةٌ من قتله، تركه كما في قصة حاطب بن أبي بلتعة .
4- إن الحسنات يذهبن السيئات، والمحاسن تغطي على المساوئ، وعلى المسلم أن يكون منصفاً في حكمه على الآخرين، فينظر في حسناتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم إن هم أعلنوا توبتهم منها، وإن أصروا يتلطف معهم ويلين، إن موسى عليه السلام رمى الألواح المكتوبة من عند الواحد الأحد، وأخذ برأس أخيه هارون يجره إليه، فعفا الله عنه، وطلب رؤية الله وهي لا تحل له، وفقأ عين ملك الموت لما أتى يقبض روحه، فعفا الله عنه، لما علم من صدقه، وإخلاصه، وتضحيته، ومواقفه.
5- كن متسامحاً مع الناس، أحسن إليهم حتى وإن أساءوا إليك، واجعل قدوتك في ذلك محمداً صلى الله عليه وسلم؛ كذَّبه قومه، واتَّهموه، وضيَّقوا عليه، وطردوه من وطنه، واستهزءوا به، وبدعوته، وبأتباعه، فلما تمكَّن منهم وقدر عليهم قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-roh.ahlamontada.net
 
فتح مكة دروس و عضات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الروح الإسلامية :: منتدى إسلامي-
انتقل الى: