الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه إلى يوم الدين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد :
فأقدم إليكم إخواني في الله هذه الرائعة الأثرية المنهجية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..
وهي مقتطف من خطبة للشيخ الواعظ الشيخ سلطان العيد حفظه الله بعنوان " شهيد الدار " عثمان بن عفان رضي الله عنه .. فارجوا ان تستفيدوا وتفيدوا...
يقول:
أما بعد ..
فقد خرج الإمام البخاري عن حديث أنس رضي الله عنه أنه قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رجف , فقال صلى الله عليه وسلم : أسكن أحد فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ,وثبت في الصحيحين عن موسى الأشعري أنه قال كنت مع رسول الله في حائط فأمرني بحفظ الباب فجاء رجل يستأذن,فقلت من هذا قال أبو بكر فقال صلى الله عليه وسلم :إِذن له وبشره بالجنة ؛ثم جاء عمر فقال إِذن له وبشره بالجنة ثم جاء عثمان فقال صلى الله عليه وسلم: إِذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فدخل عثمان وهو يقول اللهم صبراً اللهم صبراً ,وفي رواية أنه قال الله المستعان ,قال سعيد بن العاصي أن عائشة وعثمان حدثاه أن أبو بكر استأذن على النبي وهو مضطجع على فراشه لابس نبط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى له حاجته ثم انصرف ثم استأذن عمر وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف ,قال عثمان ثم استأذنت عليه صلى الله عليه وسلم فجلس وقال لعائشة اجمعي عليك ثيابك قال فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله مالي لم أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان فقال صلى الله عليه وسلم: إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة ألا يبلغ إلي حاجته.
قال الليث وقال جماعة الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة (ألا استحي ممن تستحي منه الملائكة ) خرجه الإمام أحمد وخرج الإمام مسلم بعضه . يقول ابن عمر رضي الله عنهما كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحد ثم عمر ثم عثمان .خرجه البخاري.
عثمان بن عفان أمير المؤمنين ذو النورين وصاحب الهجرتين والمصلي إلى القبلتين وزوج الابنتين رقية وأم كلثوم وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم وأجمع على توليته الخلافة المهاجرون والأنصار وكان ثالث الخلفاء الراشدين المأمور بإتباعهم و الاهتداء بهم عثمان رضي الله عنه شهيد الدار المقتول ظلماً قتله دعاة الإصلاح المزعوم وأدعياء الجهاد الذي هو حقيقته إفساد يقول كعب ابن عجرة رضي الله عنه رضي الله عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها أي قال إن إتيانها قريب قال فمر رجل مقنع رأسه فقال صلى الله عليه وسلم هذا يومئذٍ على الهدى , قال كعب فوثبت فأخذت بضبعي عثمان- أي عضديه – ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذا قال صلى الله عليه وسلم : هذا ) خرجه ابن ماجة ,تقول عائشة رضي الله عنها , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمَّصك الله فلا تخلعه) يقول ذلك ثلاث مرات وقالت رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه (وددت لو أن عندي بعض أصحابي قلت يا رسول الله ألا ندعوا أبا بكر فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا ألا ندعوا لك عمر فسكت صلى الله عليه وسلم قلنا ألا ندعوا لك عثمان قال نعم.فجاء عثمان فخلا به فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه ووجه عثمان رضي الله عنه يتغير قال قيص فحدثني أبو سهلة مولى عثمان أن عثمان قال يوم الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً وأنا صائر إليه أو قال أن صابر عليه .قال قيص كانوا يرونه ذلك اليوم خرجه ابن ماجة يقول ابن عمر رضي الله عنهما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال يقتل فيها هذا مظلوماً أي عثمان خرجه الترمذي لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة وبين شرائع الإسلام وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد اللهم اشهد فرجع إلى المدينة ودفن بها ودفن في حجرة عائشة وتولى بعده الأمر الصديق أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف الله به الغمة على الأمة زمن الردة فلما حضره الأجل عهد بالأمر من بعده إلى الفاروق عمر رضي الله عنه ففرق الله به بين الحق والباطل وجُبِيت إلى المدينة في زمنه كنوز كسرى وقيصر واتسعت بلاد الإسلام والناس في اجتماع وأتلاف لا تباغض بينهم ولا تحاسد وفي آخر أيامه رضي الله عنه حج فلما فرغ من الحج سنة 23 ه نزل الأبطح دعا الله وشكا إليه أنه قد كبرت سنه وضعفت قوته وانتشرت رعيته وخاف ألا يقوم بما أوجب الله عليه وسأل الله أن يقبضه إليه وأن يمن عليه بالشهادة في بلد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقول ( اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وموتاً في بلد رسولك محمد صلى الله عليه وسلم) فاستجاب الله له هذا الدعاء وجمع له بين هذين الأمرين الشهادة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عزيز جداً ولكن الله لطيف بما يشاء إنه هو العليم الحكيم وقدر الله أن يضربه أبو لؤلؤة فيروز الماجوسي الأصل الرومي الدار وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الصبح من يوم الأربعاء لأربع باقين من ذي الحجة من هذه السنة ضربه أبو لؤلؤة بخنجر ذو طرفين ثلاث ضربات وقيل ست إحداهن تحت سرته وخر عمر من قامته واستخلف عبد الرحمن بن عوف و رجع العلج بخنجره لا يمر بأحد إلا ضربه حتى ضرب ثلاثة عشر رجل مات منهم ستة فألقى عليه ابن عوف بردسه فنحر نفسه وحمل عمر إلى منزله والدم يسيل من جرحه وذلك قبل طلوع الشمس وجعل يفيق ثم يغما عليه فيذكرونه الصلاة فيقول نعم ولا حظ في الإسلام لمن تركها ثم صلى في الوقت رضي الله عنه ثم سأل عمَّن قتله من هو فقالوا أبو لؤلؤة الماجوسي فقال عمر : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يدي رجل يدعي الإيمان ولم يسجد لله سجدة ثم قال قبحه الله لقد كنا أمرنا به معروفاً ,وأوصى عمر أن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضي وهم ( عثمان . علي . طلحة . الزبير . عبد الرحمن بن عوف .سعد بن أبي الوقاص ) ولم يذكر سعيد بن زيد بن عمر ابن نفيل مع أنه من العشرة المبشرين بالجنة لأنه من قبيلته خشي أن يراعى في الأمارة بسببه وأوصى عمر من يستخلف بعده بالناس خيراً على طبقاتهم ومراتبهم ومات رضي الله عنه بعد ثلاث ودفن في يوم الأحد مستهل المحرم من سنة 24ه في الحجرة النبوية إلى جانب الصديق بعد أن أذنت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكان عمر رضي الله عنه قد قال لأهل الشورى يحضركم عبد الله يعني ابنه وليس له من الأمر شيء بل ينصح ولا يولى شيئاً وأوصى أن يصلى بالناس صهيب بن سينان الرومي ثلاثة أيام حتى تنقضي الشورى ومن ورعه رضي الله عنه أنه لم يجعل الخلافة لهؤلاء الستة بعينه لكنه قال ما أظن الناس يعدلون بعثمان وعلي أحدا إنهما كان يكتبان الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات عمر وأحضرت جنازته فصلى عليه صهيب رضي الله عنه ثم دفنوه بعد ذلك اجتمع أهل الشورى ففوض ثلاثة منهم ما لهم في ذلك إلى ثلاثة فوض الزبير ما يستحقه من الإمارة إلى علي وفوض سعد ما له في ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف وترك طلحة حقه لعثمان بن عفان فقال عبد الرحمن لعثمان وعلي فإني أترك حقي من ذلك ولله علي أن اجتهد فألي أولاكما بالحق فرضي الشيخان رضي الله عن الجميع ثم نهض ابن عوف يستشير الناس فيهما ويجمع برؤوس الناس وأجنادهم جميعا وأشتاتاً مثنى وفرادى سراً وجهراً وحتى سأل الولدان في الكتاتيب وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة في مدة ثلاثة أيام بلياليها فلم يجد اثنين يختلفان في تقديم عثمان ؛وعبد الرحمن في تلك الأيام الثلاثة لا يغتمض بكثير نوم إلا صلاة ودعاء واستخارة وسؤال من ذوي الرأي فلم يجد أحد يعدل بعثمان رضي الله عنه ثم إنه دعا علي وعثمان وأخذ العهد على كل منهما لإن ولاه ليعدلن ولإن ولى صاحبه ليسمعن له و ليطيعنّ ثم خرج عبد الرحمن إلى المسجد وقد لبس العمامة التي عممه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقلد سيفاً وبعث إلى وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ونودي في الناس الصلاة جامعة وامتلئ المسجد حتى غص بالناس ولم يبقى لعثمان موضع يجلس فيه إلا أخريات الناس وكان رضي الله عنه رجل حيي ثم صعد عبد الرحمن منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف طويلاً ودعا دعاء طويل لم يسمعه الناس ثم قال قم يا عثمان فأخذ بيده ثم قال هل أنت مبايع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر , قال عثمان : اللهم نعم, قال عبد الرحمن إني رأيت الناس لا يعدلون بعثمان اللهم اشهد أني جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان .
ازدحم الناس يبايعون حتى غشوه تحت المنبر وبايعه علي بن أبي طالب أولاً رضي الله عنه وأرضاه وكان أول صلاة صلها خليفة المؤمنين صلاة العصر ,وخطب الناس فوعظهم وذكرهم وزاد الناس في أعطياتهم من بيت المال مئة درهم ثم كتب إلى عماله في الأنصار يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحضهم على إقامة الصلوات والإتباع وترك الابتداع وشرع عثمان في تسيير الجيوش ففتح الله عليه الأمصار وأعز أهل الإسلام وأذل الكفر وأهله وحصل للناس في زمنه طمأنينة ورغد عيش وكثرة الخيرات والأعطيات بحمد الله لكن عدو الله إبليس يكيد ويوسوس وفي الناس سماعون له .
في السنة 33ه بدأت بوادر الفتنة ونبذت نابذة تطعن في عثمان وتؤلب عليه وتمالئ الأعداء في الحق والكلام فيه وهم الظالمون في ذلك وهو الباب الراشد رضي الله عنه فنفاهم من البصرة إلى الشام وإلى مصر ثم دخلت سنة 34 ه وفيها تكاتب المنحرفون عن طاعة عثمان رضي الله عنه ونالوا منه وبعثوا إليه من يناظره في أمور ادعوها وأغلظوا له القول وزعموا أنهم مظلومون مضطهدين وهم والله ظالمون الجائرون المفسدون في بلاد الإسلام وقد استمالوا ضعاف القلوب بدعوة أن عثمان منعهم حقوقهم واستأثر و قرابته بيت المال ووضع وظائف الدولة ظاهر عمل هؤلاء الإصلاح وإنكار المنكر وباطنه طلب الدنيا وتحصيل الدرهم والدينار ولو على جماجم الموحدين قال ابن الأثير رحمه الله ( وصاروا يكتبون إلى الأمصار بكتب يكتبونها ويضعونها في عيب ولاتهم ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون وأوسعوا الأرض إذاعة ) .
وكأنه يصف دعاة الفتنة في زماننا فيذاع واوغلوا الصدور وتكاتبوا بالبهتان والطعن وإثارة الفتن من بلد إلى بلد ومن قناة إلى قناة فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل ثم زعموا أنهم مصلحون ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ذكر سيف بن عمر أن سبب تألب الأحزاب على عثمان أن رجل يقال له عبد الله بن سبأ كان يهودي فأظهر الإسلام وصار إلى مصر فأوحى إلى طائفة من الناس كلام اخترعه من عند نفسه مضمونه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي بن أبي طالب ثم يقول الخبيث فعلي احق بالإمارة من عثمان ,وعثمان معتدي في ولاية ما ليس له فانكروا عليه واظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فافتتن به بشر كثير من أهل مصر وبث الخبيث دعاته وكاتب من أفسدهم في الأمصار ودعوا في السر إلى فتنتهم قال لهم ابن سبأ انهضوا في هذا يعني إسقاط الخلافة بالطعن في أمرائكم واظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا قلوب الناس وكتبوا إلى جماعات من عوام أهل الكوفة والبصرة وفطن سعيد بن العاصي وكان أحد أمراء عثمان إلى هذه التجمعات السرية وهذه التنظيمات الحزبية وعلم أنهم يهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة ويحرضون على أمير المؤمنين عثمان ونصح سعيد لعثمان وقال له يا أمير المؤمنين هذا أمرٌ مصنوع يلقى في السر يتحدث به الناس وداء ذلك طلب هؤلاء وقتل من يخرج منهم هذا الكلام .
الله أكبر هذه التجمعات السرية والتنظيمات الخفية في الاستراحات والمخيمات البعيدة أفسدت شبابنا حتى أثاروا الفتنة ففسدوا وفجروا كما فعل أسلافهم والله المستعان فتمالؤوا على ذلك وتكاتبوا فيه وتواعدوا بأن يجتمعوا في الإنكار على عثمان وأكثروا الكلام في عيبه وذمه وهو البريء مما قالوا وكانوا يتكاتبون ويتواعد ويفدون إلى المدينة جماعات ليسألوا عثمان ويناظروه في أشياء حتى تطير في الناس وتنتشر كما يفعله المفتونون اليوم من تجمعهم عند إدارة أو دار للإنكار على العلماء أو الأمراء في أمور حتى تشتهر فتعم الفتنة فلمَّا أدرك ذلك عثمان رضي الله عنه صعد المنبر فخطب الناس فوعظ وحذر وأنذر وقال ألا والله فقد عبتم علي بما أقررتم به لابن الخطاب ولكنه وطأكم برجله و ضربكم بيده وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم ولنت لكم و أوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم فاجترأتم علي فكفوا ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم ألا فما تفقدون من حقكم فو الله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي ثم أعتذر عمَّا كان يعطى أقاربه بأنه من فضل ماله هو وحذرهم عثمان من دعاة الفتنة فقال إن آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة غيابون طعانون يعندون ولاة أمرهم وعلمائهم أمثال النعام يتبعون أول ناعق وصدق رضي الله عنه .
لكن أهل الفتنة لم ينزجروا بل استمروا في التأليب على أمير المؤمنين عثمان بن عفان يحرضهم على ذلك عبد الله بن سبأ رأس الفتنة وكان يقول لخواصه انهضوا في هذا الأمر في الطعن في علمائهم وأمرائهم وقد أثر في بعض الرعية كما قال سعيد بن المسيب كانت المرأة تجيء في زمان عثمان إلى بيت المال في وتحمل الحمل الثقيل من العطايا ثم تقول اللهم بدل اللهم غير سعي عثمان وهذا كما يفعله المفتونون اليوم فهم في نعمة وأرزاق دارة ثم لا يشكرون الله عز وجل ولا يعرفون لولاة أمرهم فضلهم ولسان حالهم اللهم بدل اللهم غير .
فعلن تبدلت الأمور بعد مقتل عثمان وصارت الفتنة وعظم الشر وقل الخير والرزق وما ربك بظلام للعبيد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل )لقد كانت ثمرة ذلك التحريض على ولاة الأمر أنه نشأت طائفة يؤلبون على حرب عثمان والإنكار عليه حتى استنفروا نحو من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب لينكر على عثمان و أقاموا بمصر أعوان هم يدافعون عنهم ويؤلبون الناس على عثمان كما يفعله اليوم من يبررون الإرهاب الجائر ويتعاطفون مع زبانيته ,فلمَّا اقتربوا من المدينة خرج إليهم علي بن أبي طالب وهم بالجحفة وكانوا يعظمون علي ويبالغون في أمره الكنه رضي الله عنه لم يعبأ بذلك بل أنبهم وشتمهم ونصح لولي أمره ويقال إنه ناظرهم في عثمان وسألهم ماذا ينقمون عليه فذكروا له أشياء فأجاب علي عن ذلك ودافع عن أخيه عثمان بن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنهما فلما تبين عذر عثمان في ذلك وانزاحت عللهم لم يبقى لهم شبهة أشار جماعة من الصحابة على عثمان بتأديبهم وصفح عنهم وتركهم وردهم إلى قومهم فرجعوا خائبين من حيث أتوا لم ينالا شيئا مما كانوا يؤملونه فلمّا َكان يوم الجمعة خطب عثمان وقال اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك اللهم إني أول تائب مما كان مني وأرسل عينيه بالبكاء وارتبك الناس أجمعون وحصل للناس رقة شديدة على إمامهم وأشهد عثمان الناس على نفسه بذلك وأنه قد لزم ما كان عليه الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأنه قد سبًَل بابه لمن أراد الدخول عليه لا يمنع أحد من ذلك فهدأت الأمور قليلاً وكان معاوية قد كتب لعثمان يحذره من هؤلاء ويصفهم له بقوله ( هم أقوام ليس لهم عقول ولا أديان أضجرهم العدل لا يريدون لله بشيء ولا يتكلمن بحجة إنما همهم الفتنة أموال أهل الذمة والله مبتليهم ومختبرهم ثم فاضحهم ثم مخزيهم ) وقال سعيد بن العاص لعثمان ( احسم عنك الداء فاقطع عنك الذي تخاف فإن لكل قوم قادة متى تهلك قادتهم يتفرقوا ولا يجتمع لهم أمر .) فقال عثمان :هذا هو الرأي لولا ما فيه .فلم يرق ذلك الصفو والهدوء لدعاة الشر فتكاتب هؤلاء المفتونين مرةً أخرى من مصر إلى مصر و تراسلوا وزوّرت كتب على لسان الصحابة الذين في المدينة وعلى لسان علي وطلحة والزبير يدعون الناس إلى قتال عثمان ونصر الدين وأنه أكبر الجهاد في سبيل الله وقد كذبوا والله على أصحاب رسول الله فإنهم ما كانوا ليشيروا بذلك بأنه الأتقياء البررة ودعاة الفتنة على طريق أسلافهم سائرون يتكاتبون فيما بينهم ويتراسلون عبر النت ورسائل الجوال والفكسات المكذوبة والقنوات الجائرة ويشهرون عبرها الأخبار والأوراق المزورة ويزعمون أن فلان وفلان معهم والله جل وعلا حسيبهم .
فاستجاب المفتونون لهذه الأكاذيب وخرجوا من مصر وعددهم قيل ستمائة وقيل بل يصلون إلى الألف خرجوا يظهرون للناس أنهم حجيج وهذا من مكرهم وكذبهم ومعهم رأس ابن السوداء عبد الله بن سبأ وخرج أهل الكوفة وكذا البصرة خرجوا وهم مصرون على خلع أمير المؤمنين عثمان بن عفان فاجتمعوا كلهم حول المدينة وكانوا قد اتفقوا على ذلك فردهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوافقوهم على ما أرادوا فما كان غير قليل حتى سمع أهل المدينة التكبير وإذا القوم قد زحفوا على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحاطوا بها وجمهروا عند دار عثمان أمير المؤمنين وقالوا للناس من كف يده فهو آمن فكف الناس ولزموا بيوتهم وأقام الناس على ذلك أيام وهم لا يدرون ما القوم صانعون وعثمان يخرج من داره فيصلي بالناس ويصلي وراءه أهل المدينة و ؤلئك المفتونون يصلون أيضاً خلفه ثم زعموا أنهم وجدوا كتاباً من عثمان إلى والي مصر بقتلهم وصلبهم وعليه ختم عثمان قد زور فطافوا بالكتاب على الناس يحرضونهم على عثمان كما يفعلوه دعاة الفتنة في زماننا حيث يمرون على الناس بأوراقهم التي يسمونها نصيحة وهي فضيحة وتحريض على الفتنة فيوقع ويقع في فتنتهم من لا فقه عنده بالواقع فضلا عن الفقه في الدين فقال عثمان البار الرشيد الصادق والله ما كتبت ولا أمليت والخاتم قد يزور على الخاتم فلما كان في بعض الجمعات قام عثمان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليه رجل من ؤلئك المفتونين فسبه ونال منه وأنزله عن المنبر ومن بعدها تجرؤوا على عثمان وعصبوه حتى صرع مغشياً عليه فحُمِل إلى داره ودخل عليه جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وابن عمر وزيد بن ثابت وعزموا عن المدافعة على عثمان أمير المؤمنين فبعث إليهم يقسم عليهم ويأمرهم أن يكفوا أيديهم ويسكنوا حتى يقضي الله ما يشاء وبعدها أحاط المفتونون بدار عثمان محاصرين له ونهى عثمان الصحابة وأبناءهم عن القتال دونه حتى لا يسفك دم في المدينة النبوية بسببه ثم انقطع عثمان أمير المؤمنين عن المسجد بالكلية بعد أن حاصروه أكثر من شهر ومنعوه الماء والطعام والخروج إلى المسجد وتهددوه بالقتل وكان من رؤوس الفتنة ابن عُديس البلوي فصعد هذا المفتون على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم الجمعة وتنقص عثمان في خطبته وألب الناس عليه كما يفعله خطباء الفتنة في زماننا اليوم الذين يزعمون الفقه بالواقع فأشعلوا الفتنة في مواطن شتى من بلاد الإسلام باسم الإصلاح والجهاد وإنكار المنكر فكم من دم حرام سفك بسبب خطباء الفتنة هؤلاء من زمن عثمان إلى يومنا وكان أمر الله قدرا مقدورا يقول أبو أمامة بن سهل بن حنيش كنت مع عثمان في الدار وهو محصور فخرج إلينا منتقعاً لونه قال:إنهم ليتوعدونني بالقتل آنفا . قال فقلنا : يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين .قال عثمان وبما يقتلوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنا بعد إحصانه أو قتل نفساً بغير نفس فوالله ما زنيت في جاهليتي ولا إسلامي قط ولا تمنيت بدلاً بديني مذ أن هداني الله له ولا قتلت نفساً فبما يقتلوني ) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن وقال لهم عثمان رضي الله عنه :والله لإن قتلتموني لا تتحابوا بعدي أبدا ولا تصلون جميعا أبدا ولا تقاتلون جميعا أبدا )قال الحافظ ابن كثير : وقد صدق فيما قال رضي الله عنه . وقال عثمان للذين عنده في الدار من أبناء المهاجرين والأنصار وكانوا قريباً من سبعمائة قدموا للدفاع عن عثمان أمير المؤمنين فقال لهم :أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله ,وقال لرقيقه من أغمد سيفه فهو حر .وقال الحافظ ابن كثير وكان سبب ذلك أنه رأى في المنام رؤية دلت على اقتراب أجله فاستسلم عثمان لأمر الله وجاء موعده وشوقا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليكون خيري ابني أدم حيث قال حين أراد أخوه قتله (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون كم أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ) تقول نائلة بنت الفرافصة زوج عثمان رضي الله عنه إن عثمان أغفى فلما استيقظ قال إن القوم يقتلوني . قلت كلا يا أمير المؤمنين . قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر فقالوا صم يا عثمان فإنك تفطر عندنا . فأصبح صائماً وكان الماء لا يصل إليه إلا خفيه من دار إلى دار ثم دعا بسراويل فشدها وإنما لبسها رضي الله عنه في هذا اليوم لأن تبدو عورته إذا قتل لأنه كان شديد الحياء ووضع بين يديه مصحف يتلو فيه واستسلم لقضاء الله وكف يده عن القتال ولم يغب عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة على بلوى تصيبه وإنه تقع فتنة يقتل فيها مظلوما) ولم يبقى عنده أحد سوى أهله فعند ذلك أظهر المفتونون ما يريدونه من الشر من أمير المؤمنين فتسوروا عليه الجدار وأحرقوا الباب ودخلوا عليه وليس فيهم بحمد الله أحد من الصحابة ولا أبنائهم إلا محمد بن أبي بكر فإنه دخل معهم دار عثمان لكنه استحى ورجع وذلك لأنه أخذ بلحية عثمان فقال له عثمان يا بني لقد أخذت بلحيتي كان أبوك يكرمها فرجع محمد ودافع عن عثمان فلم يقدر وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطور فدخل عليه رجل فخنقه خنقا شديدا وجعلت نفسه تتردد في حلقه و كان رضي الله عنه شيخاً كبيرا قد جاوز عمره الثمانين فلم يرحموا شيبته وضعفه ولم يعظموا حرمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأي الصلاح وإنكار للمنكر يرجى من ورائهم ثم دخل عليه رجل أخر ومعه سيف فضربه به فاتقاه عثمان بيده فقطعها فقال عثمان :والله لإنها لأول يد كتبت سور المفصل . قال ابن كثير وثبت من غير وجه أن أول قطرة دم سقطت من يده على قوله تعالى (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ) وكان يروي أنه وصل إليها في التلاوة حين دخلوا عليه ثم أقبل عليه عمر بن سدان فقال: على أي ملة أنت يانعثل فقال عثمان: لست بنعثل ولكني عثمان بن عفان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين . فقال الفاجر : كذبت وضربه على رأسه فخر رضي الله عنه فوثب عليه عمر بن الحمق فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال أما ثلاث منهن فلله وست على ما كان في صدري عليك يا عثمان ففاضت روحه رضي الله عنه وأرضاه وكانت زوجته نائلة بنت الفرافصة قد ألقت نفسها عليه تقيه من ضرب السيوف وألقت أم البنين زوجته الثانية بنفسها على ما بقي من جسده فأدخل أحدهم السيف بين قرط نائلة ومنكبها ليضرب به عثمان فقبضت نائلة على السيف فقطع أصابعها فإن لله وإن إليه راجعون ثم مال هؤلاء الفجرة على ما في بيت عثمان ونهبوه حتى أخذوا عباءة نائلة زوج عثمان ولم يبقوا شيئا حتى الأقداح وذلك أنه نادى مناديهم أيحل لنا دمه ولا يحل لنا ماله فانتهبوا الدار ثم تنادى هؤلاء الظلمة هلم إلى بيت المال لا تسبق إليه فسمع ذلك حراس بيت المال وهم يقولون النجاة النجاة فإن هؤلاء لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحق وإنما قصدهم الدنيا قال الحافظ ابن كثير وجاء الخوارج فأخذوا بيت المال وكان فيه شيء كثير فإن لله وإن إليه راجعون وفي سنن الترمذي عن أمامة بن حزم قال: ( شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال: إيتوني بصاحبكم الذي ألباكم علي قال فجيء بهما كأنهما جملان أو كأنهما حماران قال فأشرف عليهم عثمان فقال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بئر رومى ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني حتى أشرب من ماء البحر قالوا اللهم نعم. قال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين قالوا اللهم نعم قال أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي قالوا اللهم نعم ثم قال رضي الله عنه أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله كان على سبيل مكة ومعه أبوبكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض قال فركضه رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله وقال اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .قالوا اللهم نعم قال عثمان الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد.) عثمان رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة فنشرها في حجره فقلبها النبي صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ) خرجه الترمذي قتلوا عثمان الذي تخلف عن بدر لأنه كان يمرض بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت زوجته وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أجر رجل شهد بدر وسهمه عثمان الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول إلى قريش يوم الحديبية فأشيع أنه قتل فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع أصحابه بيعة الرضوان على قتال قريش وقال بيده اليمنة هذه يد عثمان وضرب بها على يده وقال هذه لعثمان . عثمان الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبه قتلوا عثمان ولي أمرهم مع ماله من الفضائل والمناقب العظيمه فمن يرضيهم بعد ذلك من ولاة الامر يقول الحافظ بن كثير لما وقع هذا الامر العظيم الفضيع الشنيع اسقط فى ايدى الناس فاعظمه جدا وندم أكثر هولاء الجهله الخوارج على ما صنعوا واشبه من تقدمهم ممن قص الله خبرهم في كتابه العزيز من الذين عبدوا العجل في قوله عز وجل ( فلمَّا سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لإن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ) ولما بلغ الزبير مقتل عثمان قال إن لله وإن إليه راجعون وبلغه أن الذين قتلوه ندموا فقال تبت لهم ثم تلا قوله عز وجل (ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون) لما باغ سعد بن أبي وقاص قتل عثمان استغفر له وترحم عليه تلافي حق الذين قتلوه ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) ثم قال سعد رضي الله عنه: ( اللهم أندمهم ثم خذهم اللهم أندمهم ثم خذهم )وقد أقسم بعض السلف بالله عز وجل أنه ما مات أحد من قتلت عثمان إلا مقتولا رواه ابن جرير قال الحافظ ابن كثير (وهذا ينبغي أن يكون لوجوه منها دعوة سعد المستجابة كما ثبت في الحديث الصحيح )وقال بعضهم (ما مات أحد منهم حتى جن) وقال رحمه الله (لا يصح على أحد من الصحابة أنه رضي بقتل عثمان بل كلهم كره ومقته وسب من فعله) روى البخاري في تاريخه عن محمد بن سيرين أنه قال ( كنت أطوف بالكعبة وإذ رجل يقول اللهم اغفر لي وما أظن أن تغفر لي فقلت يا عبد الله ما سمعت بأحد يقول ما تقول .قال كنت أعطيت الله عهدا إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته فلما قتل وضع على سريره في البيت والناس يجيؤون فيصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوه فرفعت الثوب عن وجهه فلطمته وسجيته أي غطيته قال الرجل والله ما هو إلا أن لطمته فإذا هي بيمين قد شلها الجبار جل جلاله قال ابن سيرين رحمه الله فرئتها يابسة كأنها عود قال حذيفة رضي الله عنه : أول الفتن قتل عثمان وأخر الفتن الدجال يقول الحافظ ابن كثير ثبت عن علي من غير وجه (في عثمان كان من الذين أمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأمنوا ثم اتقوا وأحسنوا) وقال كان عثمان رضي الله عنه خيرنا وأوصلنا للرحم وأشدنا حياء وأحسننا طهورا وأتقانا لرب عز و جل لما بلغ عبد الله بن سلام قتل عثمان قال والله ليقتلن به أقوام إنهم لفي أصلاب آبائهم ما ولدوا بعد وقال رضي الله عنه يحكَّم عثمان يوم القيامة فيمن قتله وفيمن خذله قال الشعبي ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك رضي الله عنه
فكف يديه ثم أغلق بابه **** وأيقن أن الله ليس بغافل وقال لأهل الدار لا تقتلوهم **** عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صب عليهم العداوة **** والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده **** عن الناس أدبار النعام الجوافل
قال الحسن البصري أدركت عثمان على ما نقموا عليه قل ما يأتي على الناس يوم إلا ويقتسمون فيه خيرا يقال لهم يا معشر المسلمين أغدوا على أعطياتكم فيأخذونها وافرة ثم يقال اغدوا على أرزاقكم فيأخذونها وافرة ثم يقال أغدوا على السمن والعسل والأعطيات جارية والأرزاق دارة والعدو متقى وذات البين حسن والخير كثير وما مؤمن يخاف مؤمنا من لقي أخوه فهو أخوه من كان قد عهد إليهم أنها ستكون أثرة فإذا كانت فاصبروا قال الحسن فلو أنهم صبروا حين رأوها لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والرزق والخير الكثير ولكنهم قالوا لا والله ما نصابرها و والله ما ردوا وما سلموا ,والأخرى كان السيف مغمد عن أهل الإسلام فسلوه على أنفسهم فو الله مازال مسلولا إلى يوم الناس هذا ووالله إني لأُراه سيفاً مسلولا إلى يوم القيمة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (فلمّّا قتل عثمان تفرقت القلوب وعظمت الكروب وظهرت الأشرار وذل الأخيار وسعى في الفتنة من كان عاجزا عنها وعجز عن الخير والإصلاح من كان يحب إقامته.) .......